الأحد، 26 أغسطس 2012

تشخيص مبكر للزهايمر … بريق من الأمل


يعتبر مرض الزهايمر أحد أكثر أشكال الخرف شيوعا، إذ يفقد المرضى ذاكرتهم ثم شخصيتهم في نهاية المطاف. إن التشخيص المبكر لهذا المرض أمر صعب، إلا أن هناك أسلوبا جديدا لتشخيص المرض من شأنه أن يحدث تغييرا في هذا المجال. يتوقع الخبراء خلال السنوات القادمة زيادة هائلة في نسبة الإصابة بمرض الزهايمر، ومن غير المستبعد أن تتضاعف هذه النسبة إلى ضعفين أو حتى إلى أربعة أضعاف بحلول عام 2050، نظرا لزيادة نسبة المسنين في معظم المجتمعات.

يبلغ اليوم عدد الذين يعانون من هذا المرض حوالي 35 مليون شخص على الصعيد العالمي، وفي ألمانيا وحدها يصل عدد المرضى إلى حوالي مليون شخص تقريبا. وبما أن فرص الشفاء من هذا المرض معدومة، فإن تشخيص مرض الزهايمر يعني للأشخاص المصابين به كارثة حقيقية، إلا أن ما توصلت إليه مجموعة من الباحثين في مدينة ميونخ يفتح أبوب الأمل أمام هؤلاء المرضي.
لم يعرف السب بعد وراء تجمد بروتين بيتا أميلويد داخل وخارج الخلايا العصبية في دماغ المرضى المصابين بمرض الزهايمر. وخثرات البروتين هذه تؤثر على عمل تلك الخلايا الحيوية المهمة وتعرقل التواصل بين الخلايا العصبية. أما النتيجة فهي ضمور الدماغ بنسبة تتباين بتفاوت حدة الإصابة، وقد تصل إلى 20 في المائة ويتعرض المريض لفقدان الذاكرة ويفقد الإحساس بالمكان والزمان ثم لا يستطيع بعدها السيطرة على مجريات الحياة اليومية العادية. وفي نهاية المطاف يفقد المريض شخصيته بشكل تام ويصبح بحاجة إلى رعاية شاملة.
يقف الطب عاجزا أمام هذا المرض، فحتى تشخيصه يمثل مشكلة، إذ إن ظهور الأعراض النموذجية للمرض وهي النسيان، قد يستغرق حتى 20 عاما. وخلال هذه الفترة يكون الدماغ قادرا على تعويض فقدان الخلايا. لكن غالبا ما يكون الوقت متأخرا حين يتم تشخيص المرض، فعندها يصل عدد الخلايا المدمرة إلى ثلث خلايا الدماغ. ورغم ما تم التوصل إليه في مجال البحث العلمي، فإن وقف تطور المرض أمر غير ممكن، كما أن أساليب العلاج والتشخيص المبكر تكاد تكون معدومة.
العلاج المبكر

ويحاول البروفيسور يوخان هيرمس، وهو أخصائي ألماني في الأمراض العصبية، تغيير هذا الوضع بمساعدة فريقه المكون من 20 باحثا في مدينة ميونخ. وحتى الآن كان تشخيص المرض يتطلب إخضاع المريض لسلسلة فحوصات طبية طويلة ومكلفة ومعقدة كتصوير الدماغ بالرنين المغناطيسي أو بواسطة الطب النووي، بالاضافة إلى الحديث مفصلا مع ذوي المريض. ومن المفترض أن يصبح تشخيص الزهايمر في المستقبل أبسط بكثير بحيث تكفي نظرة واحدة داخل شبكية العين لتشخيص المرض في مراحله المبكرة، إذ يمكن رصد التغييرات المرضية من خلال اختبار على شبكية العين حسب الدكتور هيرمز. وتلك التغيرات تمكن من معرفة التطورات المتعلقة بالمرض داخل الدماغ قبل وقت طويل من ظهور الأعراض النموذجية للزهايمر.
ويحاول حاليا الدكتور هيرمز إثبات وشرح العلاقة بين التغيرات في شبكية العين وتلك التي تحدث في الدماغ. وسيتم إجراء التجارب على عينات من شبكية العين لدى مرضى متوفين كانوا مصابين بمرض الزهايمر وأيضا على فئران معدلة جينيا ومصابة بالزهايمر. وبشكل مواز لذلك تجري الأبحاث في معهد كليمنس شوبف التابع لجامعة دارمشتادت، للبحث عن مواد ملونة تعرف بـ Sonden، التي يفترض بأنها تحدث تلك التغيرات في شبكية العين. في حين تعكف دراسة بمستشفى مدينة يينا الجامعي، على البحث في التغيرات التي تطرأ على شبكية العين لدى المصابين في مراحل متقدمة من المرض. بالإضافة ومن جانبهم يقوم الخبراء في جامعة يينا بتطوير الأجهزة المسحة لشبكية العين والتي تعمل بأشعة الليزر.
وكما هو مخطط فسيستمر هذا المشروع على مدى ثلاث سنوات. وقد تم تخصيص حوالي ثلاثة ملايين يورو لتمويله، يتم دفع هذه الأموال من قبل جهات مانحة وعلى رأسها وزارة التعليم والبحث العلمي الألمانية. ومن المنتظر أن تظهر نتائج هذه الأبحاث أواخر عام 2011، وربما تحمل معها الأمل لملايين المصابين بمرض الزهايمر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق