الشيخوخة وعلاقتها بالاكتئاب والأمراض العصبية
الشيخوخة (Senility) وعلاقتها بالاكتئاب
وأمراض العصبية
د. رياض العاسم أستاذ العلاج النفسي المشارك
كلية التربية ، جامعة دمشق
مقدمة :
إن لكل مرحلة من مراحل العمر خصائصها ومميزاتها وأزماتها، إلا ّأنها في الواقع مراحل متصلة فيما بينها اتصالاً وظيفياً، والاهتمام بأي مرحلة لا يعني أن نركز اهتمامنا عليها ونهمل الأخرى. فكما أن فهم البدايات هام وضروري فإن فهم النهايات لا يقل عنه أهمية . فإذا كانت دراسة الطفولة تكمن أهميتها في العمل على تنشئة جيل صالح قوي يمكنه من مواجهة مشكلات المجتمع، وأن العناية بالأطفال هي عناية بالرجال ومستقبل المجتمع فإن دراسة الشيخوخة هي استكمال لتحقيق هذا الخير والرفاهية.
فالمسنون هم أفراد في المجتمع يؤثرون فيه ويتاثرون بمن حولهم، والعناية بهم ومحاولة التعرف على مشكلاتهم. ومميزات المرحلة التي يمرون بها هو اعتراف اهتمامنا بالفضل لمن علمونا ووجهونا إلى الطريق. لذلك فالمرحلة التي يمرون بهاـ كما يعبر عنها العديد من المسنين ـ تعني البؤس وانخفاض القيمة الاجتماعية نتيجة لعدم قيامه بالعمل المفيد أو أن دوره في عالم العمل قد انتهى ولا ينظره شيء، والرغبة الدائمة بالرجوع إلى الماضي، فعلى الرغم من أن الأفراد في جميع مراحل العمر يميلون إلى مراجعة الماضي كمحاولة للتعرف على القوى التي أثرت أو واجهت حياتهم إلاّ أن ميكانيزمات مراجعة الماضي (life review mechanisms) تعتبر أكثر أهمية بالنسبة للمسنين على وجه الخصوص، حيث يواجهون بها العزلة وفقدان الحب من الآخرين ، واقتراب الموت، حيث يقول سقراط " إن المسنين يعيشون بالذاكرة أكثر مما يعيشون بالأمل، لأن ما تبقى من حياتهم أقل من الماضي الطويل المليء بالخبرات الواسعة والعريضة .
ويقول الله تعالى:" والله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفاً وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير". (الروم:54)
لذلك سوف يتناول الباحث الاكتئاب النفسي والأمراض العصبية والنفسية لدى المسنين والخصائص العامة التي تميزهم عن غيرهم والعوامل النفسية والباثولوجية ( المرضية ) التي تميزهم عن غيرهم، وكذلك أساليب تقديم الدعم النفسي والاجتماعي والصحي لتحقيق توافق أفضل للمسن في المرحلة التي يمر بها.
مفهوم الشيخوخة:
تعددت المفاهيم في تحديد الشيخوخة، فبعضهم يرى أن سن الستين هو الخط الفاصل بين مرحلة الحياة الوسطى ومرحلة الشيخوخة، في حين يؤكد آخرون أن المعيار الزمني لا يعد مناسباً في تعريف الشيخوخة، إلاّ أن هيئة الأمم المتحدة للمسنين قد رأت أن مرحلة الشيخوخة يمكن تقيسمها إلى فترتين:
ـ فترة الشيخوخة المبكرة (60ـ 70) سنة.
ـ فترة الشيخوخة المتقدمة (70ـ نهاية العمر).
ويرى عبد الطيف(2000 :18) أن الشيخوخة هي السن التي ينتهي فيها نضج الإنسان، ويتحول النمو إلى عملية تفكك وهبوط تدريجي في قدرة أعضاء الجسم على القيام بوظائفها وهي حقيقة بيولوجية تميز التطور في دورة حياة الإنسان .
بينما يرى بعضهم الآخر( عثمان،1995) أن الشيخوخة ليست مجرد عملية بيولوجية بحتة تظهر آثارها في التغيرات الفيزيقية والفيزيولوجية التي تطرأ على الفرد حين يصل إلى تلك السن المتقدمة، وإنما هي بالإضافة إلى ذلك ظاهرة اجتماعية ونفسية، تتمثل في موقف المجتمع من الفرد حين يصل إلى سن معين بالذات يحددها المجتمع بطريقة تعسفية، كما يفرض على هؤلاء الأفراد قيوداً تتمثل بأوضح صورها في الحكم عليهم بالتقاعد في وظائفهم وأعمالهم وما يترتب على ذلك من عدم ممارسة الكثير من أوجه النشاط اليومي التي ألفوا القيام بها، والمشاركة فيها لسنوات طويلة. كما تتمثل في توقع المجتمع من المسنين أن يتبعوا أنماطاً سلوكية معينة يحددها المجتمع لهم، ويؤدي هذا بطبيعة الحال إلى آثار نفسية عميقة تتجلى في العجز عن تحقيق التوافق النفسي، وعجز نسبي في قدرات المسن على مواجهة ضغوط الحياة أو الوفاء بمتطلبات التوافق مع الآخرين وتنجم عن ذلك الشعور بالوحدة والإحساس بعدم الجدوى بالنسبة للمجتمع ، وبعدم رغبة المجتمع فيه نظراً لأنه لم يعد قادراً لأن يعود على المجتمع بالنفع والفائدة.
ومن الملاحظ أن بداية سن الشيخوخة قد يختلف من مجتمع لآخر، وذلك تبعاً لمتوسط عمر الإنسان، فكلما ازداد متوسط عمر الإنسان في مجتمع ما من المجتمعات كلما تأخرت مرحلة الشيخوخة وبالعكس. لذلك لا يمكن اعتبار العمر الزمني للفرد Chronological مرتبطاً بالشيخوخة وإنما ثمة أعماراً أخرى لا تقل أهمية عن العمر الزمني وهي: العمر الحيوي للفرد Biological Age ، والعمر الوظيفي Functional Age ،والعمر الاجتماعي Social Age، والعمر النفسي Psychological Age، على اعتبار أن مظاهر الشيخوخة تختلف في ظهورها من فرد لآخر، فقد تظهر هذه الدلائل مبكرة في شخص ما عنها في شخص آخر. من هذا المنطلق نجد صعوبة في تحديد بداية سن الشيخوخة إلاً أنها تحديدها ليس مستحيلاً ، لأن الشيخوخة لها عدة جوانب ـ كما ذكرنا آنفاًـ اجتماعية واقتصادية ومهنية ونفسية. ونظراً لتعدد جوانبها فإنه يمكن أيضاً تعريفها بعدة طرق. وبصرف النظرعن الجانب الذي يمكن أن ننظر إليها من خلاله فإنها ترتبط بأذهان معظم الناس كالضعف البدني، ونقص القدرة على التوافق مع البيئة والمحيط الاجتماعي؛ فهي زاخرة بالأحداث بعضها متوقع مثل: التقاعد وفقدان العضوية في مجتمع العاملين، وبعضها محتمل الوقوع كتباعد الأبناء وفقدان بعض الأصدقاء، وتغيير الأدوار، مما يؤدي إلى تكوين اتجاهات سالبة ومعادية للشيخوخة ومخاوف غير منطقية. وهذه الأفكار والمعتقدات تدعم كل منها الأخرى وتقويها، وتتحكم فيها اتجاهات المسن وسلوكه نحو نفسه.
والحق يقال قد تعد هذه المرحلة من حياة بعض المسنين بمرحلة الأزمات وعدم التوافق ، ولدى بعضهم الآخر بالاستقرار والتوافق، أي فبعضهم ينظر إليها نظرة إيجابية وبعضهم الآخر ينظرون إليها نظرة سلبية. فأما الذين ينظرون إليها نظرة إيجابية فيتم التعبير عن ذلك لديهم من خلال التوافق السليم، والتقدير المرتفع للذات، والرغبة في التواصل الاجتماعي الفعال ، لأنه باعتقادهم أن مطالب الحياة قد أشبعت لديهم من خلال قيامهم بأدوارهم الاجتماعية والمهنية والأسرية خير قيام. وقد أكد ريتشارد( Richard,1972 ) أن المتوافقين مع الشيخوخة هم الذين يستطيعون أن يمارسوا أسلوب حياة يمدهم باستمرارية مع الماضي، ويشبع مطالبهم على المدى الطويل. كما يرى أريكسون(ereckson,1963) أن مفتاح التكامل في مرحلة الشيخوخة يكمن في قابلية الفرد للتغلب على الأزمات النفسية إلى جانب بعض المتغيرات الوثيقة الصلة ببعضها من قبيل الأدوار الاجتماعية والصحة الجسمية والبيئة الاجتماعية التي تتضمن العلاقات الاجتماعية السابقة والحالية مع الأفراد المحيطين به.
بينما ينظر أصحاب التوجه السلبي للشيخوخة بأنها مرحلة وخبرات مؤلمة يؤدي بهم إلى انخفاض في النظام القيمي لديهم نتيجة لعدم قدرتهم على الوفاء بمطالب الحياة المختلفة الصحية والاجتماعية والنفسية والمهنية، لذلك يلجأ المسن إلى تكريس انسحابه وتخليه عن أدواره الرئيسة التي كان يمارسها وتقليص تفاعلاته الإيجابية مع البيئة المحيطة به والتي من آثارها العزلة والتمركز على الذات والخبرات السابقة والشعور بالاكتئاب والقلق النفسي.
ويرى بيك ( beck ) أنه من الأمور الهامة التي لا يمكن انكارها في مرحلة الشيخوخة هو أن الموت لا بد واقع، حيث يقول هنري وودورث( woodworth)" إن الصغير قد يموت أما الكبير فلابد ميت". ويرى بيك أن المتوافق هو الشخص الذي له نشاط هادف لإسعاد الآخرين ، الأحفاد، المجتمع، حيث تمثل أقصى درجات تحقيق الذات بالرغم من أنها تركز على الآخرين وتوجه نحو قضايا تتعدى السعادة الذاتية المباشرة.
الشيخوخة والاضطرابات النفسية والعصبية:
تنقسم الأعراض الوظيفيةُ لمرحلة الشيخوخة في ثلاث مجموعاتِ رئيسيةِ: الاضطرابات العصبية، والاِضطرابات العاطفية، والاختلالات العقلية الهاجسية والتي توجد في كل الأعمارِ، و الاضطراب الأخير يَشْبهُ داءَ الفصام المذعورَ ظاهرياً، الذي وصفه كايKay (1972) ، حيث ناقشَ أسبابه فإن أغلب التطورات الحديثة لم تنجم عن العملِ بالاهتمام بالمسنينِ بشكل مُحدّد فقط ، حيث إن العمر هو مجرّد متحول مستقلَ واحد بين الكثيرِ من المتحولات الأخرى. وهناك على أية حال حاجة للقيام بدراسات أوسع على المجموعات الأكبر من حيث العمر وبشكل خاص فيما يتعلق بعلمِ الأوبئة, وعلم أسباب الأمراض وأنماط أعراض الاضطرابات العاطفيةِ التي تَبْدأُ في الشيخوخةِ.
*التمييز بين الكآبةِ والخَرَفِ:
مِنْ وجهةِ النظر السريريةِ أو التحليلية، فإن المعايير الموثوقة والصحيحة للتَمييز بين الكآبةِ والخَرَفِ عند المرضى الشيوخ مطلوبة جداً . حيث إن هناك ثلاثة حقولِ تم دراستها مؤخراً تُؤثّرُ على هذه المشكلةِ، هي:
1ـ الجداول و المقاييس التقديرية :
طُور تقييم ساندوسSandoz السريري لطبّ الشيخوخة ((SCAG للاستعمالِ في بحثِ التحليل النفسي العقاقيري الشيخوخي ( شادر Shader، هارماتز Harmatz، و سالزمان Salzman ، 1974 ) و قد قدرت ثمانية عشر منطقة أعراض على مقياس السبع نقاط . و ميّزَ المِقياسُ المتطوعين المسنينَ عن المرضى المدخلين في 17 مِنْ هذه المتغيّراتِ، والمريضين المدخلين المُكْتَئبين مِنْ المرضى الذين يعانون من أمراض عقلية في سبعة مِنْ المتغيّراتِ. و قد ذكر بأن مصداقية هذه التقديرات مقنعة.
2ـ الاستقرار التشخيصي لدى المرضى المُدخَلون إلى المصحة مرة ثانية:
فَحصَ كيندل Kandell (1974) استقرار التشخيصِ بين المرضى الذين كَانوا قَدْ أدخلوا للمرّة الأولى وأُدخلوا لاحقاً إلى أيّ مصحّة نفسية في إنجلترا وويلز أثناء الفترةِ 1964-69 . من الـ 98 مريضاً الذين شخصوا بالمعاناة من الخرف ، ثمانية تم إعادة إدخالهم بتشخيص الكآبة (8.2 بالمئة ). ومن 870 مريض من كُلّ الأعمار بتشخيصِ الكآبةِ ،و 23 أُدخلواَ ثانية بتشخيص الخَرَفِ (2.6 بالمئة) . إن نسبة التشخيص المتبدل بين هذه الأصنافِ الواسعةِ قليل بشكل مُشَجّع، و لكن لم يبلغ عن تأثيرَ العُمرِ.
3ـ الدراسة الدولية المتبادلة لتشخيص الداء
كجزء من المشروع التشخيصي البريطاني الأمريكي، نفد كوبي لاند Copeland وزملائه (1975 ب ) دراسة لتَقْرير مدى الاختلافاتِ في المعاييرِ التشخيصيةِ التي قَدْ تَكُونُ سبباً للتناقض المعروف بين إحصائياتِ البلدين القومية: و قد عولجت الاختلافات الملحوظة في أبعادِ الإختلالات العقلية العاطفيةِ والعضويةِ في مؤسساتِهم النفسيةِ. حيث طبق الفريقان إجراءاتُ مماثلةُ، متضمناً ذلك جدولِ الحالة العقليةِ الشيخوخيِ (1975،Copeland)، على سلسلة من المرضى الذين أدخلَوا إلى المستشفيات في مقاطعة نيويورك ومدينة لندن. وكما كان متوقعاً، فقد كان هناك تفوق أو رجحان هام بالتناسق عند المرضى العاطفيينِ في نيويورك مقارنة مَع لندن عندما شكل تشخّيص المستشفيات قاعدةَ المقارنةِ. لكن عندما أجري التشخيص على يد فريق من الباحثين ومن خلال المقارنة نجد أن الاختلاف قد اختفى بشكل كبير.
قدّمَ هؤلاء المُؤلفون أيضاً بَعْض الأدلة على صلاحيةِ تشخّيص المشروعِ. ، إذا كان الاتفاق بين فريقِ المشروعَ ومستشفيات لندن جيداً ، وأن كانت أبعادِ التشخيص العضويةِ والعاطفيةِ متشابهه لتلك التقارير المُخْبَر عَنْهاِ قومياً، يَبْدو بأنّه قد يوضع بَعْض الثقةِ بصلاحيةِ هذه الإحصائياتِ الوطنيةِ، وهذا ما سنفحصه و نتكلم عنه الآن .
السمات المرضية الوبائية:
رتب سبايسيرSpicer وهير Hare و سلاتر Slater(1973) البياناتَ مِنْ استفتاء الصحةِ العقليِة للقبولِ الأول بأيّ نوع من أنواع الكآبةِ للسَنَواتِ 1965-1966 في ثلاثة أصنافِ. اثنان مِنْ هذه الأصناف هي: الكآبة العصابية والكآبة الذهانية ، وهي متطابقة مع تصنيفات ICD 314 ( التنقيح السابع) ، و 2- 301.1 و302 على التوالي. صنفهم الثالث والذي يطلقون عليه " الكآبة غير المحددة بطريقة أخرى " ( NOS )، والتي لم تتوافق مع أي تصنيف من تصنيفات ICD وأسست مجموعة من تصنيفات أمراض الكآبة الغير محددة .
وتَكْشفُ هذه الإحصائياتِ نماذج محددة وتُساعدُ في التركيز على الأسئلةِ العالقةِ ( غير المحلولة ) أنّ النقطةَ الأولى هي أننا نجد في كلا الجنسين نسبة إدخال عالية ومعززة في السنوات الوسطى متبوعة بسقوط مفاجئ يحدث من سن 65 – 70 عاماً عند الإناث و أقل من ذلك بخمس سنوات عند الذكور. هذا يمكن أن يعني بأن أكثر الأمراض الإحباطية في سن الشيخوخة ما زالت غير مشخصة أو غير معالجة، أو ببساطة تم معالجتها بطرق أخرى غير إدخال المرضى إلى المشافي النفسية. و إذا على أي حال، كان هذا الفشل عائد بشكل أساسي إلى العوامل الاختيارية، سوف يتوقع أي شخص بأن نسبة الأمراض النفسية سوف تزداد بشكل ملحوظ في سن الشيخوخة . ولكن تصنيف الأمراض النفسية، حتى عندما تتضمن الهوس يتزايد فقط بشكل قليل عند المسنين مقارنة بالمجموعة العمرية السابقة ( من 50 – 65 عام عند الذكور و من 50 – 70 عاماً عند النساء) .
العمــر و الأمراض العصابية :
أشار سبايسرSpicer و زملاؤه ( 1973 ) بأن منحنى الهبوط العمري للإحباط كان مشابه لمنحنى الأمراض العصابية الأخرى في كلا الجنسين، و تؤكد المعطيات من أجزاء متعددة من العالم ومن تسهيلات الطب النفسي للأنواع المختلفة بأن نسبة المرضى العصابيين بشكل عام تتناقص في الشيخوخة (1947،Meyer) . وعلى أية حال، عندما يتضمن ذلك المرضى المتخرجين، كالعائدين من مراكز الصحة العقلية الاجتماعية في الولايات المتحدة الأمريكية أن النقص يرى بشكل واضح ليبدأ في أوسط العمر وأنها ليست ظاهرة للكبار في العمر بشكل ثابت. إن الفشل بالإشارة لمثل أولئك المرضى بالذهاب إلى أطباء نفسيين هو ربما فقط جزء من الشرح . وبالدراسة الميدانية و العملية العامة كان هناك هبوط في نسب الاستشارة للأمراض النفسية الجديدة ، والتي كانت بشكل أساسي عصابية من حيث النمط ، و تجميع للحالات القديمة من بين عمر 30 – 40 و حتى الأعمار المتقدمة .
إن الانخفاض المتماثل ( المتناظر ) في التصنيف " الاضطرابات الشخصية الأخرى " (1974،Meyer ) تقترح بأنه يوجد عامل شخصي في أسباب الأمراض العصابية والذي ربما يشرح لماذا لا تشاهد الأمراض الجديدة غالباً في خريف العمر .
يعتبر ماير Meyer عام 1974 بأن الأمراض العصابية الجديدة في السن المتقدمة إما أن تكون عبارة عن تفاعلات نفسية المنشأ لأزمات حادة أو تطورات عصابية للمزايا الشخصية السابقة . ويقترح ماك دونالد McDonald ( 1967 ) بأن ظهور الأعراض الإحباطية هو عامل مهم حين الإشارة إلى المرضى العصابيين الشيوخ. و قد وجد أن أغلبية المرضى بالاضطرابات العصابية الذين أدخلوا إلى وحدة عناية نفسية للمسنين كان لديهم أعراض إحباطية ، وأن أغلب هؤلاء الذين اختبروا مرضهم الأول كانوا محبطين. وعلى أية حال وبشكل دولي فإن التغير في شكل المرض العصبي إلى مرض عصبي إحباطي ظهر ليحدث تدريجياً في حياة المراهقين وليس فجأة في السنوات المتقدمة. وقد درس دونالد Donald (1973) منحنى الهبوط العمري لمجموعات فرعية مختلفة من الأمراض العصابية ، وبالرغم من وجود ميل باتجاه الأعراض الجسدية بالسن المتقدمة، وأن ذلك يمكن أن يكون سبباً للفشل بالإشارة إلى حالات العلاج النفسي.
التخفيف من الأمراض العصابية مع تقدم العمر:
يمكن أن تعود ندرة المقارنة للإعراض المرضية العصابية الموجودة في المجموعات العمرية الأكبر إلى التأثير التخفيفي للعمر. و قد أظهرت الفترة الطويلة بأن هذا صحيح في الحالات الاستحواذية أو الهاجسية ( 1957 ، Muller) ، و في اضطرابات الشخصية (1965، Menotti ) و الأعراض الهستيرية.
التقدم بالعمر و الكــآبة:
إن المتابعة طويلة المدى للحالات الإحباطية التي بدأت قبل سن الـ 65 عاماً قد تم الإبلاغ عنها من قبل كيومبي Ciombi(عام 1969 ). ومن 539 مريضاً كان 67 بالمئة مَوتى و22.5 بالمئة وافقوا على إعادة الفحصِ، وبشكل وسطي 20 بالمئة (1-52) عاماً بعد الدخولِ الأولِ، في عُمرِ متوسطِ 72 (66-90). قد وَصلتْ الأمراض قمّة التكرار والشدَّةِ في الأعمارِ بين 45 و 65 عاماً . وإن حوالي ثلثي أعراضِ الاكتئاب تَعافتْ أَو تَحسّنتْ بعد سن 65عاماً . وعندما واصلوا ذلك، اتجهوا ليصبحوا رتيبين. الاِضطرابات العاطفية الثانوية المُزمنة التي تُؤثّرُ على المصالحِ والنشاطاتِ الاجتماعية كانت مألوفة. وقد تحسن فقط 11 بالمئة وأصبحوا خاليين من الأعراضِ بالكامل. وبعد عام (1972) تابعَ 81 مريضَ مُكْتَئب والذين كَانوا بعمرِ 60 أَو أكثر عندما دخلوا ووَجدَوا بأنه بعد مرور ستّة سنوات حقق 31 بالمئة تحسّن دائم، و 17 بالمئة بقوا مرضى بشكل مستمر، والبقيّة كَانَ عِنْدَهم هجماتُ إضافية بدرجاتِ مرضِ متغيرة ومتراوحة بين هذه الهجماتِ. حوالي 40 بالمائة مِنْ المرضى كان هجومهم المرضي الأول قبل عُمرِ الـ50 عاماً ، و قد مال هؤلاء للحصول على نتائج أفضل من البقية .
انتشار الأعراضِ العصابيةِ والكآبة:
بين كبارِ السنّ المختارينِ بشكل عشوائي والذين كانوا يعيشون في مدينة نيوكاسلNewcastle كانت جميع أعراض الأمراض الذهانية، والاضطرابات العصبية الاستحواذية والهستيريةَ العادية نادرة (1970، Bergmann)، ولكن وُجِدَت أعراضَ القلقِ واضطرابات المزاجِ الحادِّ الكافية لتسبّب بَعْض التداخلِ بنشاطاتِ الحياة العاديةِ عند 14 بالمئة من المسنين ( 1970،Kay). وكانت الأعراض الأكثر اعتدالا موجودة تقريباً في نِصْفِ الرعايا. و هذا يُوافقُ نتائجَ زونقZung ( 1967 ) ونتائج زونقZung و قرينGreen عام (1973) و التي خلصت إلى أن 44 بالمئة مِنْ الرعايا الطبيعيين بعمرِ 65 سنةِ أَو أكثر أحرزوا نقاط على مِقياسِ التقدير الذاتي للكآبة (SDS) ضمن المدى الكئيبِ للمرضى الأصغرِ. ويعني " الوضع الطبيعي " في هذه الدِراساتِ بأنّ الرعايا كانوا ينفذون نشاطاتَ العُمرِ الملائمةِ. وَقد وجدَ زونقZung بأن الرعايا الأقدم توجهوا للحُصُول على نقاط أعلى على مقياس SDS من البالغين الأصغر في العمر. وقد ازدادت أيضاً نقاط الرعايا الكبار في العمر على مقياس التقدير الذاتي للقلق. وعلى أية حال ضمن المجموعة العمرية 65 عاماً و أكثر، لم يجد كايKay و زملاؤه عام (1970) أي علاقةِ بين العُمرِ والأعراضِ العصابيةِ. ولم يستطع ماك دونالد McDonald ( في عام 1967 ) أن يرينا الارتباطات الهامة بين العُمرِ والأمراض العصابية كما قيست على مِقياس M-R لدليلِ كورنيل الطبي، أَو بين الأمراض العصابية والضرر الدماغي كما حددت من قبل الاختبار التعليمي المساعد لـ أنجليز باريدInglis Paired ، بين المرضى المسنينِ الذين يَعِيشونَ في ذلك البيت.
الخصائص المميزة للناسِ المسنينِ المصابين بالقلقِ أَو الكآبةِ:
في المسح الذي قام به كاي Kayو بيامشBeamish و روثRoth عام ( 1964، ب ) كان حضورالأعراضِ الوظيفيةِ والتي هي في الغالب قلق أَو كآبة مرتبطة بالجنس النسائي، والتهيئة المسلم بها (تاريخ نفسي سابق، انحراف شخصيةِ، وخسارة مبكّرة لأحد الوالدين )، أو طبقة منخفضة اقتصادياً واجتماعياً ، أوتكامل اجتماعي سيّئ، أومرض طبيعي، أو مشاعر ومواقف أخرى (كالاستياء من الحياة، رثاء الذات، الوحدة). وقد نتج عن العامل المحلل لـ زونقZung عام ( 1967 ) لمقياسه للـ SDS على الرعايا الطبيعيين المسنين وميّزَ العاملَ الأولَ على أنه " خسارة احترام الذات " الذي أعتقد بأنه قَدْ يَكُونُ نتيجة الحرمانِ المُخْتَلِفِ الذي واجهه في الشيخوخةِ.
قَارنَ بيرقمان Bergmann عام ( 1971 ) الرعايا الذين يعانون من الاضطرابات العصبية المُزمنةِ مع الذين ظهرت الأعراض عندهم في وقت متأخر من حياتهم. و قد قارن أيضاً كلا المجموعتين مع الأشخاص الطبيعيين. واجهتْ كلتا المجموعتين اللتان تعانيان من الاضطرابات العصبية اضطرابات نفسيةً أكثر عند أطفالِهم، حيث كَانَ عِنْدَهُم شكاوى معويةُ أكثرُ، وكانوا مصابين بوسواس المرض أكثر، ووحيدين أكثر، وقلقين أكثر ( " ولديهم نشاط رهابي مقابل") أكثر من الرعايا الطبيعيين. وقد مالت كلتا المجموعتين ليكونوا ذو شخصيات قلقة ولا تشعر بالآمن، أَو شخصيات متصلّبة واستحواذية. وبالمقارنة مع الرعايا ذوي الأمراض العصابية المزمنة ، تَذكّرتْ المجموعةَ الأوليّةَ الأخيرة أعراضَ عصبية أقلَ و نزاع أقل مَع الآباء في الطفولةِ، و لكنها أبلغت عن أمراض جسدية أكثر، وخصوصاً الأمراض القلبية، و كانوا يعانون من إحباط و عزلة اجتماعية أكبر في سن الشيخوخة، وكانوا في أغلب الأحيان مكتئبين أكثر من كونهم قلقين. ناقشَ بيرقمانBergmann عام ( 1970 ) أيضاً تأثير اختلاف الجنسَ على ردودِ الأفعال العصابيةِ عند المسنينِ، واقترح بأنه يوجد عامل واحد عند غالبيةِ الإناث وهو قلة الدعمِ الاجتماعي والمصادرِ الاقتصادية الضئيلةِ، المرتبطة غالباً بالترمّلِ.
أنماط الأعراض في حالاتِ الكآبة في خريف العمر:
1ـ الأعراض الانطوائية:
راجعَ روسينثال Rosenthal ( 1968 ) مفهومَ الكآبة الانطوائية ولاحظَ بأنّ نمطَ العلامةِ أوالعارض التقليديِ المتمثل بالهياج ، والذنب، و الأعراض العميقة، والقلق , والوسوسة المرضية والذُعُر، قد ميّزَ فقط و بشكل جزئي في دِراساتِ العاملِ التحليليةِ لمبحث الأعراض الكئيبة، وكَانَ قَدْ وُجِدَ لِيكون متعلّق بَالعُمرِ في دراسةِ واحدة فقط، وعموماً حَدثتْ أعراضُ الذعر أكثرُ في المرضى الذين كانت أول حادثة لهم بعد عُمرِ الـ 40عاماً فقط .
ودَرسَ كيندل Kendell(1968) نمطَ العلامةَ في الكآبةِ الانطوائية مستعملاً تحليلاتِ متعددة الأشكال، كجزء مِنْ دراسة أكبر في تصنيفِ الاِضطراباتِ العاطفيةِ. وأعتبر بأن المرضى الذين شخّصوا بالكآبة السوداوية الانطوائية (من عُمرِ 40إلى عمر 54 عاماً ) لَمْ يُختلفْوا بأي وجه ذو أهمية عن العددِ الأكبرِ من المرضى الذين شخصوا بالكآبة الذهانية (المدى العُمريِ من 25-54 عاماً ). وأعتقد كيندلKendell بأنّ العارض التقليدي كَانتْ نتيجةَ النقص السابق في الطرقِ الفعّالةِ لمُعَالَجَة الكآبةِ. وقد لاحظَ أيضاً بأنه يوجد هناك تداخلُ كبيرُ في توزيعِ نقاط العاملِ بين السكان المصابين بالكآبة الانطوائية و الكآبة العصبية، كما كانت عندما قورن السكانُ الذهانيين و العصابيين.
2ـ الأعراض العصابية ذاتية المنشأ:
في دراسةِ أخرى و باستخدام تقنيات متعددة ، كان المِقياس النفسي المتعدّد الأبعاد للمرضى المدخلين ( المقيمين ) ومقياس هاملتون لتقدير الكآبةِ هي الأدوات المستخدمة في مُقَارَنَة مبحث الأمراض العاطفية للمرضى الأكبر سنّاً والأصغرِ. عشَر بالمئة مِنْ المرضى شُخّصَوا سريرياً على إنهم مصابين بمرض عصبي، والبقيّة بالكآبة ذاتية النشوء. وأظهرت النَتائِجُ بأنه كان هناك بُّعد ممتد من الكآبة المتخلّفة عقلياً و الذهانية إلى العصابية، الأقطاب التي تمثل نموذجين مميزين من الأعراضِ. وإن الاكتشاف الرئيسي فيما يتعلق بالعُمرِ هي أن تلك الأعراضِ المميزةِ في كُلّ مجموعة تشخيصية كَانتْ أكثر تكراراً وشدة في سن فوق الستين من سن دون الستين.
الأعراض و العمر في الهجوم الأول :
قَارنَ أنجست Angst عام (1965) انتشار أعراضِ محددة ظهرت مِن قِبل المرضى المُكْتَئبينِ الذهانيين وفقاً للمجموعات العمرية وأيضاً للعُمرِ في الهجوم الأول. بينما بدت الأوهام والوسواس ذات صلة وثيقة أكثر بالعُمرِ الحاليِ للمرضى، وإن النقصان في التأخرِ والزيادةِ المكمّلةِ في الهياجِ ملحوظ أكثر عندما نجمع أو نصنف المرضى وفقاً للعمر في الهجوم الأول. وسوف يكون من الجدير بالاهتمام القيام بدراسة أبعد للأسلوب أو الطريقة التي تتغير فيها نماذج الأعراض وفقاً لعمر بداية المرض .
المرض العاطفي الفصامي:
وصف بوستPost عام (1971) 29 مريضَاً بعمرِ 60 أَو أكثر بوجود أو ظهور على التوالي أعراض عاطفية و ذهانية خيالية . ومثلوا 4 بالمئة من المرضى الذين أدخلوا وحدة رعاية نفسية للمسنين لمدة تزيد عن ست سنوات .
أحداث الحياة و الكآبة :
اعتبر هيمسيHemsi و زملاؤه (1968) بأن الحوادث الابتدائية المتزايدةَ، ومسؤولية تكرارها ، وحدة حالاتِ الكآبة في أواخر الحياة لا يُمْكن أنْ تُوضّحَ من جهة العوامل الوراثية الخاصة أو الشخصية أو الطبيعية أَو نفسية المنشأ . و دعم هذا حجّتَهم بأن التغييرات المتعلّقة بَالعُمرِ في الدماغِ متورطة في حالات الكآبة . ولسوء الحظ، قد تم تجاهل بحثَ واقع الحياةِ التنظيمي للمسنينِ بشكل كبير. ويبدو أن المسنين والأصغر سناً يوافقون، على أية حال، على أفكارِهم المتعلقة حول الأهميةِ النسبيةِ لأحداثِ الحياةِ المنتجة للتغيرات المتعددة التي تَظْهرُ على مقياس تقدير التغير الاجتماعي (SRRC) .
وإن موت أحد الزوجين ، والذي بالطبع , يشكل خطر خاصّ عند المسنينِ , قد أعطي الوزن الأعلى في ترتيب المواد الـ42 على هذا المِقياسِ من قبل كل الدراسات العالمية ، ماعدا الدراسات الأمريكية و المكسيكية. فقد وضع التقاعد في المرتبة العاشرة مِن قِبل الأمريكان القوقازيينِ ويَنخفضُ بعض الشّيء بالمجموعاتِ العرقيةِ والوطنيةِ الأخرى، بينما تم الحكم على عامل " تغير الصحةِ الشخصيِة الرئيسيِ ' لِكي يكُونَ إحدى الموادِ السبع الأكثر أهمِّية بكُلّ المجموعات التي دَرستْ.
الفقد والترمّل :
في كل الأعمارِ، يشكل المُتَرَمّلون نسبة عالية من الأشخاص الذين يدخلون إلى المصحّات النفسيةِ، ونِسَب أعلى ممِنْ يقدمون على الانتحار والموتِ بأسباب متعددة أكثر من المُتَزَوّجينِ. ومن المحتمل، بأن الحرمان طويل المدى، مثل قلةِ العنايةِ والدعمِ، بالإضافة إلى الاختيار بسبب فشلِ الزَواج ثانية، هي عواملَ مهمةَ . وعلى أية حال، هناك دليل بأن معظم نسب الوفيات و المرض تتركز ضمن السَنَةِ الأولى مِنْ الترمّلِ. و هذا ما ورد في دِراساتِ المرضى النفسيين المدخلين إلى المصحات ، مِنْ الإحالاتِ الأولى إلى أيّ نوع من أنواع الخدمةِ النفسيةِ ، مِنْ الوفيّاتِ بين الأراملِ المسناتِ ومِنْ الانتحار، حيث كان هناك خطر على الرجال خصوصاً فوق سن الـ 60). ولذا رُّكز الاهتمام على التغييراتِ النفسية الجسميةِ والعاطفيةِ المرتبطة بردِّ فعل الحزنَ نفسه.
الوحدة والعزلة الاجتماعية :
قد تكون العزلة الاجتماعية أحدى نتائجِ خسارةِ الزوجِ أو الشريك . و في دراسة لـ 30 حالة انتحار فوق عُمرِ الـ60 عاماً , وجد باراكلوBarraclough ( 1971 ) بأن أكثر من نصف العينة كانت تعيش لوحدها لحظة الموت ؛ ولكن الاكتشاف الأكثرَ تميزاً بأن كُلّ أولئك الذين عاشوا لوحدهم لأقل مِنْ سَنَةِ واحدة فعلوا ذلك تلقائياً بسبب موتِ أَو مغادرةِ قريب أَو صديق، بينما أغلب أولئك الذين كَانوا لوحدهم لمدة أطولِ مِنْ هذه كانوا قد تركوا عائلة متعددة الأشخاص. و لذا فربما اندمج الحزن مع الوحدة لجلب الانتحار .
الوحدة والعزلة الاجتماعية لَيست ظواهرَ متماثلةَ. و قد أستنتج لاوينثالLowenthal ( 1968 ) بأنّ العزلةِ المتأخرة التطور يمكن اعتبارها نتيجة أكثر من كونها سبباً للمرضِ العقليِ عند المسنينِ. و قد وجد كاي Kay و زملاؤه (1964 ب ) بأن شكاوى الوحدةِ بين المسنينِ في البيت كَانت مستقلة تماماً عن عددِ الاتصالات اليوميةِ عند أولئك ذوي الأعراضِ العصابيةِ، و لكن كَانتْ هناك علاقة وثيقة الصلة بعددِ الاتصالات عند الصحّيحينِ. في المواضيعِ العصابيةِ، على أية حال، ترتبط الوحدة بشكل عكسي بتكرار الزيَاْرَة مِن قِبل الأقرباءِ أَو الأصدقاءِ، وبَدت بأنها مرتبطة بمشاكلِ الشخصيةِ طويلة المدى، و مشاعر الإهمالِ ونقص العلاقات المستقلة القريبة . و من ناحية الصحّة الطبية النفسية ، يرجح أن تكون الوحدة بسبب تقييدِ النشاطِ الاجتماعي للمرضِ الطبيعيِ. هذه التمييزات لَرُبَّما قد تؤثر على إدارةِ الوحدةِ في الشيخوخةِ.
التقاعد عن العمل كأزمة :
راجع دي ألركون De Alarcon( 1971 ) الدِراساتَ الأخيرةَ المُهتمّة بالصحةِ العقلية و التقاعد ، وأستنتج بأنّ الاعتقاد الواسع الانتشار عن تأثيراتها المرضية لَرُبَّمَا نَشأ جزئياً عن النظرياتِ الاجتماعية والنفسيةِ للتقدم في العمر، و يَرى بأن هناك دليلُ صَغيرُ لدعم اعتقاده . و لم يجد كراوفورد (1972) أي دليلِ بِأَنَّ هذا التقاعد "الأزمة " قد تم التعبير عنها بأشكال نفسانية جسمية، أَو بأن العمليتين النظريتين، مرونة الدورَ والتحررَ، قد قدمت نماذجَ مفيدةَ في تَوَقُّع النتيجةِ.
من كتاب علم النفس السريري، تأليف د. رياض العاسمي
وأمراض العصبية
د. رياض العاسم أستاذ العلاج النفسي المشارك
كلية التربية ، جامعة دمشق
مقدمة :
إن لكل مرحلة من مراحل العمر خصائصها ومميزاتها وأزماتها، إلا ّأنها في الواقع مراحل متصلة فيما بينها اتصالاً وظيفياً، والاهتمام بأي مرحلة لا يعني أن نركز اهتمامنا عليها ونهمل الأخرى. فكما أن فهم البدايات هام وضروري فإن فهم النهايات لا يقل عنه أهمية . فإذا كانت دراسة الطفولة تكمن أهميتها في العمل على تنشئة جيل صالح قوي يمكنه من مواجهة مشكلات المجتمع، وأن العناية بالأطفال هي عناية بالرجال ومستقبل المجتمع فإن دراسة الشيخوخة هي استكمال لتحقيق هذا الخير والرفاهية.
فالمسنون هم أفراد في المجتمع يؤثرون فيه ويتاثرون بمن حولهم، والعناية بهم ومحاولة التعرف على مشكلاتهم. ومميزات المرحلة التي يمرون بها هو اعتراف اهتمامنا بالفضل لمن علمونا ووجهونا إلى الطريق. لذلك فالمرحلة التي يمرون بهاـ كما يعبر عنها العديد من المسنين ـ تعني البؤس وانخفاض القيمة الاجتماعية نتيجة لعدم قيامه بالعمل المفيد أو أن دوره في عالم العمل قد انتهى ولا ينظره شيء، والرغبة الدائمة بالرجوع إلى الماضي، فعلى الرغم من أن الأفراد في جميع مراحل العمر يميلون إلى مراجعة الماضي كمحاولة للتعرف على القوى التي أثرت أو واجهت حياتهم إلاّ أن ميكانيزمات مراجعة الماضي (life review mechanisms) تعتبر أكثر أهمية بالنسبة للمسنين على وجه الخصوص، حيث يواجهون بها العزلة وفقدان الحب من الآخرين ، واقتراب الموت، حيث يقول سقراط " إن المسنين يعيشون بالذاكرة أكثر مما يعيشون بالأمل، لأن ما تبقى من حياتهم أقل من الماضي الطويل المليء بالخبرات الواسعة والعريضة .
ويقول الله تعالى:" والله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفاً وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير". (الروم:54)
لذلك سوف يتناول الباحث الاكتئاب النفسي والأمراض العصبية والنفسية لدى المسنين والخصائص العامة التي تميزهم عن غيرهم والعوامل النفسية والباثولوجية ( المرضية ) التي تميزهم عن غيرهم، وكذلك أساليب تقديم الدعم النفسي والاجتماعي والصحي لتحقيق توافق أفضل للمسن في المرحلة التي يمر بها.
مفهوم الشيخوخة:
تعددت المفاهيم في تحديد الشيخوخة، فبعضهم يرى أن سن الستين هو الخط الفاصل بين مرحلة الحياة الوسطى ومرحلة الشيخوخة، في حين يؤكد آخرون أن المعيار الزمني لا يعد مناسباً في تعريف الشيخوخة، إلاّ أن هيئة الأمم المتحدة للمسنين قد رأت أن مرحلة الشيخوخة يمكن تقيسمها إلى فترتين:
ـ فترة الشيخوخة المبكرة (60ـ 70) سنة.
ـ فترة الشيخوخة المتقدمة (70ـ نهاية العمر).
ويرى عبد الطيف(2000 :18) أن الشيخوخة هي السن التي ينتهي فيها نضج الإنسان، ويتحول النمو إلى عملية تفكك وهبوط تدريجي في قدرة أعضاء الجسم على القيام بوظائفها وهي حقيقة بيولوجية تميز التطور في دورة حياة الإنسان .
بينما يرى بعضهم الآخر( عثمان،1995) أن الشيخوخة ليست مجرد عملية بيولوجية بحتة تظهر آثارها في التغيرات الفيزيقية والفيزيولوجية التي تطرأ على الفرد حين يصل إلى تلك السن المتقدمة، وإنما هي بالإضافة إلى ذلك ظاهرة اجتماعية ونفسية، تتمثل في موقف المجتمع من الفرد حين يصل إلى سن معين بالذات يحددها المجتمع بطريقة تعسفية، كما يفرض على هؤلاء الأفراد قيوداً تتمثل بأوضح صورها في الحكم عليهم بالتقاعد في وظائفهم وأعمالهم وما يترتب على ذلك من عدم ممارسة الكثير من أوجه النشاط اليومي التي ألفوا القيام بها، والمشاركة فيها لسنوات طويلة. كما تتمثل في توقع المجتمع من المسنين أن يتبعوا أنماطاً سلوكية معينة يحددها المجتمع لهم، ويؤدي هذا بطبيعة الحال إلى آثار نفسية عميقة تتجلى في العجز عن تحقيق التوافق النفسي، وعجز نسبي في قدرات المسن على مواجهة ضغوط الحياة أو الوفاء بمتطلبات التوافق مع الآخرين وتنجم عن ذلك الشعور بالوحدة والإحساس بعدم الجدوى بالنسبة للمجتمع ، وبعدم رغبة المجتمع فيه نظراً لأنه لم يعد قادراً لأن يعود على المجتمع بالنفع والفائدة.
ومن الملاحظ أن بداية سن الشيخوخة قد يختلف من مجتمع لآخر، وذلك تبعاً لمتوسط عمر الإنسان، فكلما ازداد متوسط عمر الإنسان في مجتمع ما من المجتمعات كلما تأخرت مرحلة الشيخوخة وبالعكس. لذلك لا يمكن اعتبار العمر الزمني للفرد Chronological مرتبطاً بالشيخوخة وإنما ثمة أعماراً أخرى لا تقل أهمية عن العمر الزمني وهي: العمر الحيوي للفرد Biological Age ، والعمر الوظيفي Functional Age ،والعمر الاجتماعي Social Age، والعمر النفسي Psychological Age، على اعتبار أن مظاهر الشيخوخة تختلف في ظهورها من فرد لآخر، فقد تظهر هذه الدلائل مبكرة في شخص ما عنها في شخص آخر. من هذا المنطلق نجد صعوبة في تحديد بداية سن الشيخوخة إلاً أنها تحديدها ليس مستحيلاً ، لأن الشيخوخة لها عدة جوانب ـ كما ذكرنا آنفاًـ اجتماعية واقتصادية ومهنية ونفسية. ونظراً لتعدد جوانبها فإنه يمكن أيضاً تعريفها بعدة طرق. وبصرف النظرعن الجانب الذي يمكن أن ننظر إليها من خلاله فإنها ترتبط بأذهان معظم الناس كالضعف البدني، ونقص القدرة على التوافق مع البيئة والمحيط الاجتماعي؛ فهي زاخرة بالأحداث بعضها متوقع مثل: التقاعد وفقدان العضوية في مجتمع العاملين، وبعضها محتمل الوقوع كتباعد الأبناء وفقدان بعض الأصدقاء، وتغيير الأدوار، مما يؤدي إلى تكوين اتجاهات سالبة ومعادية للشيخوخة ومخاوف غير منطقية. وهذه الأفكار والمعتقدات تدعم كل منها الأخرى وتقويها، وتتحكم فيها اتجاهات المسن وسلوكه نحو نفسه.
والحق يقال قد تعد هذه المرحلة من حياة بعض المسنين بمرحلة الأزمات وعدم التوافق ، ولدى بعضهم الآخر بالاستقرار والتوافق، أي فبعضهم ينظر إليها نظرة إيجابية وبعضهم الآخر ينظرون إليها نظرة سلبية. فأما الذين ينظرون إليها نظرة إيجابية فيتم التعبير عن ذلك لديهم من خلال التوافق السليم، والتقدير المرتفع للذات، والرغبة في التواصل الاجتماعي الفعال ، لأنه باعتقادهم أن مطالب الحياة قد أشبعت لديهم من خلال قيامهم بأدوارهم الاجتماعية والمهنية والأسرية خير قيام. وقد أكد ريتشارد( Richard,1972 ) أن المتوافقين مع الشيخوخة هم الذين يستطيعون أن يمارسوا أسلوب حياة يمدهم باستمرارية مع الماضي، ويشبع مطالبهم على المدى الطويل. كما يرى أريكسون(ereckson,1963) أن مفتاح التكامل في مرحلة الشيخوخة يكمن في قابلية الفرد للتغلب على الأزمات النفسية إلى جانب بعض المتغيرات الوثيقة الصلة ببعضها من قبيل الأدوار الاجتماعية والصحة الجسمية والبيئة الاجتماعية التي تتضمن العلاقات الاجتماعية السابقة والحالية مع الأفراد المحيطين به.
بينما ينظر أصحاب التوجه السلبي للشيخوخة بأنها مرحلة وخبرات مؤلمة يؤدي بهم إلى انخفاض في النظام القيمي لديهم نتيجة لعدم قدرتهم على الوفاء بمطالب الحياة المختلفة الصحية والاجتماعية والنفسية والمهنية، لذلك يلجأ المسن إلى تكريس انسحابه وتخليه عن أدواره الرئيسة التي كان يمارسها وتقليص تفاعلاته الإيجابية مع البيئة المحيطة به والتي من آثارها العزلة والتمركز على الذات والخبرات السابقة والشعور بالاكتئاب والقلق النفسي.
ويرى بيك ( beck ) أنه من الأمور الهامة التي لا يمكن انكارها في مرحلة الشيخوخة هو أن الموت لا بد واقع، حيث يقول هنري وودورث( woodworth)" إن الصغير قد يموت أما الكبير فلابد ميت". ويرى بيك أن المتوافق هو الشخص الذي له نشاط هادف لإسعاد الآخرين ، الأحفاد، المجتمع، حيث تمثل أقصى درجات تحقيق الذات بالرغم من أنها تركز على الآخرين وتوجه نحو قضايا تتعدى السعادة الذاتية المباشرة.
الشيخوخة والاضطرابات النفسية والعصبية:
تنقسم الأعراض الوظيفيةُ لمرحلة الشيخوخة في ثلاث مجموعاتِ رئيسيةِ: الاضطرابات العصبية، والاِضطرابات العاطفية، والاختلالات العقلية الهاجسية والتي توجد في كل الأعمارِ، و الاضطراب الأخير يَشْبهُ داءَ الفصام المذعورَ ظاهرياً، الذي وصفه كايKay (1972) ، حيث ناقشَ أسبابه فإن أغلب التطورات الحديثة لم تنجم عن العملِ بالاهتمام بالمسنينِ بشكل مُحدّد فقط ، حيث إن العمر هو مجرّد متحول مستقلَ واحد بين الكثيرِ من المتحولات الأخرى. وهناك على أية حال حاجة للقيام بدراسات أوسع على المجموعات الأكبر من حيث العمر وبشكل خاص فيما يتعلق بعلمِ الأوبئة, وعلم أسباب الأمراض وأنماط أعراض الاضطرابات العاطفيةِ التي تَبْدأُ في الشيخوخةِ.
*التمييز بين الكآبةِ والخَرَفِ:
مِنْ وجهةِ النظر السريريةِ أو التحليلية، فإن المعايير الموثوقة والصحيحة للتَمييز بين الكآبةِ والخَرَفِ عند المرضى الشيوخ مطلوبة جداً . حيث إن هناك ثلاثة حقولِ تم دراستها مؤخراً تُؤثّرُ على هذه المشكلةِ، هي:
1ـ الجداول و المقاييس التقديرية :
طُور تقييم ساندوسSandoz السريري لطبّ الشيخوخة ((SCAG للاستعمالِ في بحثِ التحليل النفسي العقاقيري الشيخوخي ( شادر Shader، هارماتز Harmatz، و سالزمان Salzman ، 1974 ) و قد قدرت ثمانية عشر منطقة أعراض على مقياس السبع نقاط . و ميّزَ المِقياسُ المتطوعين المسنينَ عن المرضى المدخلين في 17 مِنْ هذه المتغيّراتِ، والمريضين المدخلين المُكْتَئبين مِنْ المرضى الذين يعانون من أمراض عقلية في سبعة مِنْ المتغيّراتِ. و قد ذكر بأن مصداقية هذه التقديرات مقنعة.
2ـ الاستقرار التشخيصي لدى المرضى المُدخَلون إلى المصحة مرة ثانية:
فَحصَ كيندل Kandell (1974) استقرار التشخيصِ بين المرضى الذين كَانوا قَدْ أدخلوا للمرّة الأولى وأُدخلوا لاحقاً إلى أيّ مصحّة نفسية في إنجلترا وويلز أثناء الفترةِ 1964-69 . من الـ 98 مريضاً الذين شخصوا بالمعاناة من الخرف ، ثمانية تم إعادة إدخالهم بتشخيص الكآبة (8.2 بالمئة ). ومن 870 مريض من كُلّ الأعمار بتشخيصِ الكآبةِ ،و 23 أُدخلواَ ثانية بتشخيص الخَرَفِ (2.6 بالمئة) . إن نسبة التشخيص المتبدل بين هذه الأصنافِ الواسعةِ قليل بشكل مُشَجّع، و لكن لم يبلغ عن تأثيرَ العُمرِ.
3ـ الدراسة الدولية المتبادلة لتشخيص الداء
كجزء من المشروع التشخيصي البريطاني الأمريكي، نفد كوبي لاند Copeland وزملائه (1975 ب ) دراسة لتَقْرير مدى الاختلافاتِ في المعاييرِ التشخيصيةِ التي قَدْ تَكُونُ سبباً للتناقض المعروف بين إحصائياتِ البلدين القومية: و قد عولجت الاختلافات الملحوظة في أبعادِ الإختلالات العقلية العاطفيةِ والعضويةِ في مؤسساتِهم النفسيةِ. حيث طبق الفريقان إجراءاتُ مماثلةُ، متضمناً ذلك جدولِ الحالة العقليةِ الشيخوخيِ (1975،Copeland)، على سلسلة من المرضى الذين أدخلَوا إلى المستشفيات في مقاطعة نيويورك ومدينة لندن. وكما كان متوقعاً، فقد كان هناك تفوق أو رجحان هام بالتناسق عند المرضى العاطفيينِ في نيويورك مقارنة مَع لندن عندما شكل تشخّيص المستشفيات قاعدةَ المقارنةِ. لكن عندما أجري التشخيص على يد فريق من الباحثين ومن خلال المقارنة نجد أن الاختلاف قد اختفى بشكل كبير.
قدّمَ هؤلاء المُؤلفون أيضاً بَعْض الأدلة على صلاحيةِ تشخّيص المشروعِ. ، إذا كان الاتفاق بين فريقِ المشروعَ ومستشفيات لندن جيداً ، وأن كانت أبعادِ التشخيص العضويةِ والعاطفيةِ متشابهه لتلك التقارير المُخْبَر عَنْهاِ قومياً، يَبْدو بأنّه قد يوضع بَعْض الثقةِ بصلاحيةِ هذه الإحصائياتِ الوطنيةِ، وهذا ما سنفحصه و نتكلم عنه الآن .
السمات المرضية الوبائية:
رتب سبايسيرSpicer وهير Hare و سلاتر Slater(1973) البياناتَ مِنْ استفتاء الصحةِ العقليِة للقبولِ الأول بأيّ نوع من أنواع الكآبةِ للسَنَواتِ 1965-1966 في ثلاثة أصنافِ. اثنان مِنْ هذه الأصناف هي: الكآبة العصابية والكآبة الذهانية ، وهي متطابقة مع تصنيفات ICD 314 ( التنقيح السابع) ، و 2- 301.1 و302 على التوالي. صنفهم الثالث والذي يطلقون عليه " الكآبة غير المحددة بطريقة أخرى " ( NOS )، والتي لم تتوافق مع أي تصنيف من تصنيفات ICD وأسست مجموعة من تصنيفات أمراض الكآبة الغير محددة .
وتَكْشفُ هذه الإحصائياتِ نماذج محددة وتُساعدُ في التركيز على الأسئلةِ العالقةِ ( غير المحلولة ) أنّ النقطةَ الأولى هي أننا نجد في كلا الجنسين نسبة إدخال عالية ومعززة في السنوات الوسطى متبوعة بسقوط مفاجئ يحدث من سن 65 – 70 عاماً عند الإناث و أقل من ذلك بخمس سنوات عند الذكور. هذا يمكن أن يعني بأن أكثر الأمراض الإحباطية في سن الشيخوخة ما زالت غير مشخصة أو غير معالجة، أو ببساطة تم معالجتها بطرق أخرى غير إدخال المرضى إلى المشافي النفسية. و إذا على أي حال، كان هذا الفشل عائد بشكل أساسي إلى العوامل الاختيارية، سوف يتوقع أي شخص بأن نسبة الأمراض النفسية سوف تزداد بشكل ملحوظ في سن الشيخوخة . ولكن تصنيف الأمراض النفسية، حتى عندما تتضمن الهوس يتزايد فقط بشكل قليل عند المسنين مقارنة بالمجموعة العمرية السابقة ( من 50 – 65 عام عند الذكور و من 50 – 70 عاماً عند النساء) .
العمــر و الأمراض العصابية :
أشار سبايسرSpicer و زملاؤه ( 1973 ) بأن منحنى الهبوط العمري للإحباط كان مشابه لمنحنى الأمراض العصابية الأخرى في كلا الجنسين، و تؤكد المعطيات من أجزاء متعددة من العالم ومن تسهيلات الطب النفسي للأنواع المختلفة بأن نسبة المرضى العصابيين بشكل عام تتناقص في الشيخوخة (1947،Meyer) . وعلى أية حال، عندما يتضمن ذلك المرضى المتخرجين، كالعائدين من مراكز الصحة العقلية الاجتماعية في الولايات المتحدة الأمريكية أن النقص يرى بشكل واضح ليبدأ في أوسط العمر وأنها ليست ظاهرة للكبار في العمر بشكل ثابت. إن الفشل بالإشارة لمثل أولئك المرضى بالذهاب إلى أطباء نفسيين هو ربما فقط جزء من الشرح . وبالدراسة الميدانية و العملية العامة كان هناك هبوط في نسب الاستشارة للأمراض النفسية الجديدة ، والتي كانت بشكل أساسي عصابية من حيث النمط ، و تجميع للحالات القديمة من بين عمر 30 – 40 و حتى الأعمار المتقدمة .
إن الانخفاض المتماثل ( المتناظر ) في التصنيف " الاضطرابات الشخصية الأخرى " (1974،Meyer ) تقترح بأنه يوجد عامل شخصي في أسباب الأمراض العصابية والذي ربما يشرح لماذا لا تشاهد الأمراض الجديدة غالباً في خريف العمر .
يعتبر ماير Meyer عام 1974 بأن الأمراض العصابية الجديدة في السن المتقدمة إما أن تكون عبارة عن تفاعلات نفسية المنشأ لأزمات حادة أو تطورات عصابية للمزايا الشخصية السابقة . ويقترح ماك دونالد McDonald ( 1967 ) بأن ظهور الأعراض الإحباطية هو عامل مهم حين الإشارة إلى المرضى العصابيين الشيوخ. و قد وجد أن أغلبية المرضى بالاضطرابات العصابية الذين أدخلوا إلى وحدة عناية نفسية للمسنين كان لديهم أعراض إحباطية ، وأن أغلب هؤلاء الذين اختبروا مرضهم الأول كانوا محبطين. وعلى أية حال وبشكل دولي فإن التغير في شكل المرض العصبي إلى مرض عصبي إحباطي ظهر ليحدث تدريجياً في حياة المراهقين وليس فجأة في السنوات المتقدمة. وقد درس دونالد Donald (1973) منحنى الهبوط العمري لمجموعات فرعية مختلفة من الأمراض العصابية ، وبالرغم من وجود ميل باتجاه الأعراض الجسدية بالسن المتقدمة، وأن ذلك يمكن أن يكون سبباً للفشل بالإشارة إلى حالات العلاج النفسي.
التخفيف من الأمراض العصابية مع تقدم العمر:
يمكن أن تعود ندرة المقارنة للإعراض المرضية العصابية الموجودة في المجموعات العمرية الأكبر إلى التأثير التخفيفي للعمر. و قد أظهرت الفترة الطويلة بأن هذا صحيح في الحالات الاستحواذية أو الهاجسية ( 1957 ، Muller) ، و في اضطرابات الشخصية (1965، Menotti ) و الأعراض الهستيرية.
التقدم بالعمر و الكــآبة:
إن المتابعة طويلة المدى للحالات الإحباطية التي بدأت قبل سن الـ 65 عاماً قد تم الإبلاغ عنها من قبل كيومبي Ciombi(عام 1969 ). ومن 539 مريضاً كان 67 بالمئة مَوتى و22.5 بالمئة وافقوا على إعادة الفحصِ، وبشكل وسطي 20 بالمئة (1-52) عاماً بعد الدخولِ الأولِ، في عُمرِ متوسطِ 72 (66-90). قد وَصلتْ الأمراض قمّة التكرار والشدَّةِ في الأعمارِ بين 45 و 65 عاماً . وإن حوالي ثلثي أعراضِ الاكتئاب تَعافتْ أَو تَحسّنتْ بعد سن 65عاماً . وعندما واصلوا ذلك، اتجهوا ليصبحوا رتيبين. الاِضطرابات العاطفية الثانوية المُزمنة التي تُؤثّرُ على المصالحِ والنشاطاتِ الاجتماعية كانت مألوفة. وقد تحسن فقط 11 بالمئة وأصبحوا خاليين من الأعراضِ بالكامل. وبعد عام (1972) تابعَ 81 مريضَ مُكْتَئب والذين كَانوا بعمرِ 60 أَو أكثر عندما دخلوا ووَجدَوا بأنه بعد مرور ستّة سنوات حقق 31 بالمئة تحسّن دائم، و 17 بالمئة بقوا مرضى بشكل مستمر، والبقيّة كَانَ عِنْدَهم هجماتُ إضافية بدرجاتِ مرضِ متغيرة ومتراوحة بين هذه الهجماتِ. حوالي 40 بالمائة مِنْ المرضى كان هجومهم المرضي الأول قبل عُمرِ الـ50 عاماً ، و قد مال هؤلاء للحصول على نتائج أفضل من البقية .
انتشار الأعراضِ العصابيةِ والكآبة:
بين كبارِ السنّ المختارينِ بشكل عشوائي والذين كانوا يعيشون في مدينة نيوكاسلNewcastle كانت جميع أعراض الأمراض الذهانية، والاضطرابات العصبية الاستحواذية والهستيريةَ العادية نادرة (1970، Bergmann)، ولكن وُجِدَت أعراضَ القلقِ واضطرابات المزاجِ الحادِّ الكافية لتسبّب بَعْض التداخلِ بنشاطاتِ الحياة العاديةِ عند 14 بالمئة من المسنين ( 1970،Kay). وكانت الأعراض الأكثر اعتدالا موجودة تقريباً في نِصْفِ الرعايا. و هذا يُوافقُ نتائجَ زونقZung ( 1967 ) ونتائج زونقZung و قرينGreen عام (1973) و التي خلصت إلى أن 44 بالمئة مِنْ الرعايا الطبيعيين بعمرِ 65 سنةِ أَو أكثر أحرزوا نقاط على مِقياسِ التقدير الذاتي للكآبة (SDS) ضمن المدى الكئيبِ للمرضى الأصغرِ. ويعني " الوضع الطبيعي " في هذه الدِراساتِ بأنّ الرعايا كانوا ينفذون نشاطاتَ العُمرِ الملائمةِ. وَقد وجدَ زونقZung بأن الرعايا الأقدم توجهوا للحُصُول على نقاط أعلى على مقياس SDS من البالغين الأصغر في العمر. وقد ازدادت أيضاً نقاط الرعايا الكبار في العمر على مقياس التقدير الذاتي للقلق. وعلى أية حال ضمن المجموعة العمرية 65 عاماً و أكثر، لم يجد كايKay و زملاؤه عام (1970) أي علاقةِ بين العُمرِ والأعراضِ العصابيةِ. ولم يستطع ماك دونالد McDonald ( في عام 1967 ) أن يرينا الارتباطات الهامة بين العُمرِ والأمراض العصابية كما قيست على مِقياس M-R لدليلِ كورنيل الطبي، أَو بين الأمراض العصابية والضرر الدماغي كما حددت من قبل الاختبار التعليمي المساعد لـ أنجليز باريدInglis Paired ، بين المرضى المسنينِ الذين يَعِيشونَ في ذلك البيت.
الخصائص المميزة للناسِ المسنينِ المصابين بالقلقِ أَو الكآبةِ:
في المسح الذي قام به كاي Kayو بيامشBeamish و روثRoth عام ( 1964، ب ) كان حضورالأعراضِ الوظيفيةِ والتي هي في الغالب قلق أَو كآبة مرتبطة بالجنس النسائي، والتهيئة المسلم بها (تاريخ نفسي سابق، انحراف شخصيةِ، وخسارة مبكّرة لأحد الوالدين )، أو طبقة منخفضة اقتصادياً واجتماعياً ، أوتكامل اجتماعي سيّئ، أومرض طبيعي، أو مشاعر ومواقف أخرى (كالاستياء من الحياة، رثاء الذات، الوحدة). وقد نتج عن العامل المحلل لـ زونقZung عام ( 1967 ) لمقياسه للـ SDS على الرعايا الطبيعيين المسنين وميّزَ العاملَ الأولَ على أنه " خسارة احترام الذات " الذي أعتقد بأنه قَدْ يَكُونُ نتيجة الحرمانِ المُخْتَلِفِ الذي واجهه في الشيخوخةِ.
قَارنَ بيرقمان Bergmann عام ( 1971 ) الرعايا الذين يعانون من الاضطرابات العصبية المُزمنةِ مع الذين ظهرت الأعراض عندهم في وقت متأخر من حياتهم. و قد قارن أيضاً كلا المجموعتين مع الأشخاص الطبيعيين. واجهتْ كلتا المجموعتين اللتان تعانيان من الاضطرابات العصبية اضطرابات نفسيةً أكثر عند أطفالِهم، حيث كَانَ عِنْدَهُم شكاوى معويةُ أكثرُ، وكانوا مصابين بوسواس المرض أكثر، ووحيدين أكثر، وقلقين أكثر ( " ولديهم نشاط رهابي مقابل") أكثر من الرعايا الطبيعيين. وقد مالت كلتا المجموعتين ليكونوا ذو شخصيات قلقة ولا تشعر بالآمن، أَو شخصيات متصلّبة واستحواذية. وبالمقارنة مع الرعايا ذوي الأمراض العصابية المزمنة ، تَذكّرتْ المجموعةَ الأوليّةَ الأخيرة أعراضَ عصبية أقلَ و نزاع أقل مَع الآباء في الطفولةِ، و لكنها أبلغت عن أمراض جسدية أكثر، وخصوصاً الأمراض القلبية، و كانوا يعانون من إحباط و عزلة اجتماعية أكبر في سن الشيخوخة، وكانوا في أغلب الأحيان مكتئبين أكثر من كونهم قلقين. ناقشَ بيرقمانBergmann عام ( 1970 ) أيضاً تأثير اختلاف الجنسَ على ردودِ الأفعال العصابيةِ عند المسنينِ، واقترح بأنه يوجد عامل واحد عند غالبيةِ الإناث وهو قلة الدعمِ الاجتماعي والمصادرِ الاقتصادية الضئيلةِ، المرتبطة غالباً بالترمّلِ.
أنماط الأعراض في حالاتِ الكآبة في خريف العمر:
1ـ الأعراض الانطوائية:
راجعَ روسينثال Rosenthal ( 1968 ) مفهومَ الكآبة الانطوائية ولاحظَ بأنّ نمطَ العلامةِ أوالعارض التقليديِ المتمثل بالهياج ، والذنب، و الأعراض العميقة، والقلق , والوسوسة المرضية والذُعُر، قد ميّزَ فقط و بشكل جزئي في دِراساتِ العاملِ التحليليةِ لمبحث الأعراض الكئيبة، وكَانَ قَدْ وُجِدَ لِيكون متعلّق بَالعُمرِ في دراسةِ واحدة فقط، وعموماً حَدثتْ أعراضُ الذعر أكثرُ في المرضى الذين كانت أول حادثة لهم بعد عُمرِ الـ 40عاماً فقط .
ودَرسَ كيندل Kendell(1968) نمطَ العلامةَ في الكآبةِ الانطوائية مستعملاً تحليلاتِ متعددة الأشكال، كجزء مِنْ دراسة أكبر في تصنيفِ الاِضطراباتِ العاطفيةِ. وأعتبر بأن المرضى الذين شخّصوا بالكآبة السوداوية الانطوائية (من عُمرِ 40إلى عمر 54 عاماً ) لَمْ يُختلفْوا بأي وجه ذو أهمية عن العددِ الأكبرِ من المرضى الذين شخصوا بالكآبة الذهانية (المدى العُمريِ من 25-54 عاماً ). وأعتقد كيندلKendell بأنّ العارض التقليدي كَانتْ نتيجةَ النقص السابق في الطرقِ الفعّالةِ لمُعَالَجَة الكآبةِ. وقد لاحظَ أيضاً بأنه يوجد هناك تداخلُ كبيرُ في توزيعِ نقاط العاملِ بين السكان المصابين بالكآبة الانطوائية و الكآبة العصبية، كما كانت عندما قورن السكانُ الذهانيين و العصابيين.
2ـ الأعراض العصابية ذاتية المنشأ:
في دراسةِ أخرى و باستخدام تقنيات متعددة ، كان المِقياس النفسي المتعدّد الأبعاد للمرضى المدخلين ( المقيمين ) ومقياس هاملتون لتقدير الكآبةِ هي الأدوات المستخدمة في مُقَارَنَة مبحث الأمراض العاطفية للمرضى الأكبر سنّاً والأصغرِ. عشَر بالمئة مِنْ المرضى شُخّصَوا سريرياً على إنهم مصابين بمرض عصبي، والبقيّة بالكآبة ذاتية النشوء. وأظهرت النَتائِجُ بأنه كان هناك بُّعد ممتد من الكآبة المتخلّفة عقلياً و الذهانية إلى العصابية، الأقطاب التي تمثل نموذجين مميزين من الأعراضِ. وإن الاكتشاف الرئيسي فيما يتعلق بالعُمرِ هي أن تلك الأعراضِ المميزةِ في كُلّ مجموعة تشخيصية كَانتْ أكثر تكراراً وشدة في سن فوق الستين من سن دون الستين.
الأعراض و العمر في الهجوم الأول :
قَارنَ أنجست Angst عام (1965) انتشار أعراضِ محددة ظهرت مِن قِبل المرضى المُكْتَئبينِ الذهانيين وفقاً للمجموعات العمرية وأيضاً للعُمرِ في الهجوم الأول. بينما بدت الأوهام والوسواس ذات صلة وثيقة أكثر بالعُمرِ الحاليِ للمرضى، وإن النقصان في التأخرِ والزيادةِ المكمّلةِ في الهياجِ ملحوظ أكثر عندما نجمع أو نصنف المرضى وفقاً للعمر في الهجوم الأول. وسوف يكون من الجدير بالاهتمام القيام بدراسة أبعد للأسلوب أو الطريقة التي تتغير فيها نماذج الأعراض وفقاً لعمر بداية المرض .
المرض العاطفي الفصامي:
وصف بوستPost عام (1971) 29 مريضَاً بعمرِ 60 أَو أكثر بوجود أو ظهور على التوالي أعراض عاطفية و ذهانية خيالية . ومثلوا 4 بالمئة من المرضى الذين أدخلوا وحدة رعاية نفسية للمسنين لمدة تزيد عن ست سنوات .
أحداث الحياة و الكآبة :
اعتبر هيمسيHemsi و زملاؤه (1968) بأن الحوادث الابتدائية المتزايدةَ، ومسؤولية تكرارها ، وحدة حالاتِ الكآبة في أواخر الحياة لا يُمْكن أنْ تُوضّحَ من جهة العوامل الوراثية الخاصة أو الشخصية أو الطبيعية أَو نفسية المنشأ . و دعم هذا حجّتَهم بأن التغييرات المتعلّقة بَالعُمرِ في الدماغِ متورطة في حالات الكآبة . ولسوء الحظ، قد تم تجاهل بحثَ واقع الحياةِ التنظيمي للمسنينِ بشكل كبير. ويبدو أن المسنين والأصغر سناً يوافقون، على أية حال، على أفكارِهم المتعلقة حول الأهميةِ النسبيةِ لأحداثِ الحياةِ المنتجة للتغيرات المتعددة التي تَظْهرُ على مقياس تقدير التغير الاجتماعي (SRRC) .
وإن موت أحد الزوجين ، والذي بالطبع , يشكل خطر خاصّ عند المسنينِ , قد أعطي الوزن الأعلى في ترتيب المواد الـ42 على هذا المِقياسِ من قبل كل الدراسات العالمية ، ماعدا الدراسات الأمريكية و المكسيكية. فقد وضع التقاعد في المرتبة العاشرة مِن قِبل الأمريكان القوقازيينِ ويَنخفضُ بعض الشّيء بالمجموعاتِ العرقيةِ والوطنيةِ الأخرى، بينما تم الحكم على عامل " تغير الصحةِ الشخصيِة الرئيسيِ ' لِكي يكُونَ إحدى الموادِ السبع الأكثر أهمِّية بكُلّ المجموعات التي دَرستْ.
الفقد والترمّل :
في كل الأعمارِ، يشكل المُتَرَمّلون نسبة عالية من الأشخاص الذين يدخلون إلى المصحّات النفسيةِ، ونِسَب أعلى ممِنْ يقدمون على الانتحار والموتِ بأسباب متعددة أكثر من المُتَزَوّجينِ. ومن المحتمل، بأن الحرمان طويل المدى، مثل قلةِ العنايةِ والدعمِ، بالإضافة إلى الاختيار بسبب فشلِ الزَواج ثانية، هي عواملَ مهمةَ . وعلى أية حال، هناك دليل بأن معظم نسب الوفيات و المرض تتركز ضمن السَنَةِ الأولى مِنْ الترمّلِ. و هذا ما ورد في دِراساتِ المرضى النفسيين المدخلين إلى المصحات ، مِنْ الإحالاتِ الأولى إلى أيّ نوع من أنواع الخدمةِ النفسيةِ ، مِنْ الوفيّاتِ بين الأراملِ المسناتِ ومِنْ الانتحار، حيث كان هناك خطر على الرجال خصوصاً فوق سن الـ 60). ولذا رُّكز الاهتمام على التغييراتِ النفسية الجسميةِ والعاطفيةِ المرتبطة بردِّ فعل الحزنَ نفسه.
الوحدة والعزلة الاجتماعية :
قد تكون العزلة الاجتماعية أحدى نتائجِ خسارةِ الزوجِ أو الشريك . و في دراسة لـ 30 حالة انتحار فوق عُمرِ الـ60 عاماً , وجد باراكلوBarraclough ( 1971 ) بأن أكثر من نصف العينة كانت تعيش لوحدها لحظة الموت ؛ ولكن الاكتشاف الأكثرَ تميزاً بأن كُلّ أولئك الذين عاشوا لوحدهم لأقل مِنْ سَنَةِ واحدة فعلوا ذلك تلقائياً بسبب موتِ أَو مغادرةِ قريب أَو صديق، بينما أغلب أولئك الذين كَانوا لوحدهم لمدة أطولِ مِنْ هذه كانوا قد تركوا عائلة متعددة الأشخاص. و لذا فربما اندمج الحزن مع الوحدة لجلب الانتحار .
الوحدة والعزلة الاجتماعية لَيست ظواهرَ متماثلةَ. و قد أستنتج لاوينثالLowenthal ( 1968 ) بأنّ العزلةِ المتأخرة التطور يمكن اعتبارها نتيجة أكثر من كونها سبباً للمرضِ العقليِ عند المسنينِ. و قد وجد كاي Kay و زملاؤه (1964 ب ) بأن شكاوى الوحدةِ بين المسنينِ في البيت كَانت مستقلة تماماً عن عددِ الاتصالات اليوميةِ عند أولئك ذوي الأعراضِ العصابيةِ، و لكن كَانتْ هناك علاقة وثيقة الصلة بعددِ الاتصالات عند الصحّيحينِ. في المواضيعِ العصابيةِ، على أية حال، ترتبط الوحدة بشكل عكسي بتكرار الزيَاْرَة مِن قِبل الأقرباءِ أَو الأصدقاءِ، وبَدت بأنها مرتبطة بمشاكلِ الشخصيةِ طويلة المدى، و مشاعر الإهمالِ ونقص العلاقات المستقلة القريبة . و من ناحية الصحّة الطبية النفسية ، يرجح أن تكون الوحدة بسبب تقييدِ النشاطِ الاجتماعي للمرضِ الطبيعيِ. هذه التمييزات لَرُبَّما قد تؤثر على إدارةِ الوحدةِ في الشيخوخةِ.
التقاعد عن العمل كأزمة :
راجع دي ألركون De Alarcon( 1971 ) الدِراساتَ الأخيرةَ المُهتمّة بالصحةِ العقلية و التقاعد ، وأستنتج بأنّ الاعتقاد الواسع الانتشار عن تأثيراتها المرضية لَرُبَّمَا نَشأ جزئياً عن النظرياتِ الاجتماعية والنفسيةِ للتقدم في العمر، و يَرى بأن هناك دليلُ صَغيرُ لدعم اعتقاده . و لم يجد كراوفورد (1972) أي دليلِ بِأَنَّ هذا التقاعد "الأزمة " قد تم التعبير عنها بأشكال نفسانية جسمية، أَو بأن العمليتين النظريتين، مرونة الدورَ والتحررَ، قد قدمت نماذجَ مفيدةَ في تَوَقُّع النتيجةِ.
من كتاب علم النفس السريري، تأليف د. رياض العاسمي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق